عُدنا من رحلة التربية العملية اليوميه.....يمتلكنا اجهادا لا يحتمل رن هاتف صديقتى الخلوى....وبدأت في محادثة المتصل.....علا صوتها فنظرت الي وجهها وملامحه التى بدأت بالانقباض....ثم علت منها شهقه أفزعتنى
ما بك يا سميه؟؟؟.....صمت مخيف ....وجه شاحب....عين ثابته....اطراف بارده.....انفاس مضطربه
سميه ما بكِ خبرينى....أنا بدأت أقلق
.....أجابت في صوت مضطرب فزع.....صديقتنا شيماء احترق بيتها وأحترق كل مافيه....وأصاب الحريق أمها وخالها
مــــــــــــــــــــاذا؟؟؟؟؟؟؟؟
انا لله وانا اليه راجعـــــــون.....شيماء .....الابنة الوحيده....يتيمة الاب.....وحيدة امها...لا اخ ولا اخت
صمت رهيــــــــــب ووجوم خيم على صفحات وجوهنا
شريط ذكريات يعود بي للوراء.....كلماتها تتردد في أذنى ::
لو تعلمين كم أحب أمى....وكم تحبنى.....جئتها بعد خمس سنوات ....توفّي ابي وانا ابنة ثلاثة شهور وتركنى وحيدتها.....كم أحبها وأتمنى اسعادها....كم أخشى عليها من اى همسة الم.....ترعانى وتخاف عليّ من نسمات
الهواء....تلبي لي ما اتنمنى قبل ان اطلبه....حفظها الله لي وحفظنى لها
خالي أعز اصدقائي...شاب صغير لم يمر على زواجه سوى سنوات معدودات...له ولدان كفلقتى القمر....اشعر به
ويشعر بي.....أتنبؤ بحاله قبل ان يحدث من شدة قربي منه
آآآآآه من تلك الكلمات...لم تحملنى بعدهما قدماى.....صداع اليم اعتصرنى ارتعدت منه أطرافي وغُشّيت منه عيناى
بادرت بسؤال خرق جدار الصمت والوجوم الذي اعتلانا
وأين هي الآن.....؟
في المستشفى معها بعض صديقاتنا.....
ذهبنا الى الكلية نجر خطواتنا المتثاقله.....جمع غفير من صديقاتنا يحيط بسلمى صديقة شيماء المقربه.....هرعنا نحوهم وقلوبنا تكاد تقفز من جحورها فزعا.....
سلمى مغشي عليها وصديقاتها يحيطونها باكين بكاءا مريرا......
هالنى المشهد وكأنى لا ارى سواه...لم يتردد في اذنى الا عبارة....."تُوفت والدة شيماء وخالها تأثرا بحروقهما"
....صرخة مُرَّه خرجت من أعماقي بلا صوت...عجزت بها عن مرافقة الجمع وجمعت خطواتى المنهكة الى مصلى الكليه...وقفت اصلى وتضرعت بالدعاء ان يلهم الله أمته هذه الثبات والصبر والرضاء
كيف حالها الآن...؟.....فقدت أعز وأقرب شخصين الى قلبها....فقدت من كانوا لها كل شيء وكانت لهم كل شيء.......ما أقساها من ميته.....ذهب كل شيء في لمحة بصر.....ذهبت الام....ذهب الخال...ذهبت الاموال....ذهب المسكن......ياربي عافيتك
مرت ايام معدودة على الحادث الاليم.....وقررنا الذهاب اليها لتعزيتها ....ذهبنا والكلمات هاربة من مخيلاتنا...بالله كيف سنواسيها....ماذا سنقول لها.....ذهبنا حائرين ندعو الله ان يجرى على السنتنا من نثلج به صدرها المكلوم...
ذهبنا اثنين برفقة ثالثة دلّتنا على الطريق.....طرقنا الباب بقلوب وجله.....نتبادل نظرات الترقب والوجل
فُتح الباب ودخلنا.....استقبلتنا شيماء بوجه يشع بالنور .....تعلوه ابتسامة رضا خفيفه تزيده نورا
جلستُ أنظر الى وجهها متعجبه من هذا الضوء العجيب الذي يحيطه.....
فتحنا الحديث عن الرضا والثبات....ولكن لم نكن نحن المتحدثات....بل كانت هي....
حديثا ترقرق من بين ثنايا ثغرها جعلنى كدت اذوب في مكانى خجلا وحسره....
صاحبة الابتلاء في قمة الرضا والاطمئنان بما قضاه الله....ونحن عالجنا الارق والبكاء خوفا مما قد يصيبها
انتهى اللقاء وسرت احدث نفسي......
من احق بالعزاء؟؟؟؟؟؟؟
صاحبة ابتلاء راضية صابره....ام منعمة وجلة مترقبة للابتلاء
من منّا احق بلقب الملتزمه ؟؟؟؟؟
من التزم هديه الظاهرى وشغل بدعوة وعبادات وطاعات....وقلبه لازال يسبح في ريبه وقلقه وترقبه للمجهول
ام قلب مطمئن بالايمان....راضٍ بقسمة الله وقضاءه.....صابرا محتسبا....؟؟؟؟؟
.....من احق بالعزاء يا شيماء
دعينى اعزى نفسي على نفسي....كيف بي ادعو الناس الى الله وانا اترقب قضاءه واخشى على قلبي من فتنة الابتلاء
الــــــــــــهى اجرنى من نفسى هذه
شيماء قد سطر لى نور وجهك ثوبا من الخجل جعلنى اعيد حساباتى....جعلنى استحى من تدينى الذي اخدع به نفسي....
اللهى انت تعلم سري وعلا نيتى فاقبل معذرتى....وتعلم ما في نفسي فاغفر لى ذنبي.....وتعلم حاجتى فاعطنى سؤلى....اللهم انى اسالك ايمان يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى اعلم ان مااصابنى لم يكن ليخطئنى وما اخطانى لم يكن ليصيبنى واجعل رضائي فيما قسمت لى من العيش ياارحم الراحمين
اللهم من علينا بعفوك وعافيتك ورحمتك يا اكرم الاكرمين
اللهم احفظ لنا اهلنا واحبابنا وارزقنا جميعا حسن الخاتمة
وارزقنا الرضاء قبل القضاء وعند القضاء وبعد القضاء
اللهم ابدل قلوبنا هذه بقلوب مؤمنة مطمئنة ترضي وتسعد بما قدرته بحكمتك البالغه
--------------------------------
مـــــــــــــــــــــلاحظـــــــــــــــــــــــــة
تعليقاتى على التدوينة السابقه سافرد لها تدوينة خاصه ستلى هذه ان شاء الرحمن...لان الردود تستحق النقاش فعلا
دعـــــــــــــــــــــــــــــــواتكم