قصة الام ذات العين الواحده

on الأحد، 4 مايو 2008

في غرفته يستقر على فراشه .... تخطو نحوه بهدوء....تلامس بكفيها الحانيتين خديه كى توقظه
ابتسامة رقراقة ترتسم على وجهها تحكى مشاعر دافقة تنساب من بين ثنايا قلبها
.
فلذة كبدها وقرة عينها....لو امكنها احاطته بجفونها لفعلت....لو تمنى عليها المستحيل لاجتهدت في تلبيته....اغلى ما لديها....بل كل مالديها
بكلماتها الرقيقة توقظه....يفتح عينيه على وجهها....يقابل نظراتها الحانيه بنظرة ضيق وغضب....صوته يعلو ...ويشيح بيده دافعا اياها....ابتعدى عنى يا امراه.....شكلك المخيف يصيبنى بالذعر....اليك عنى....ياليتك لم تكونى امى
تنظر اليه باشفاق ...ولهجة التوسل والتودد تحكم نبرات صوتها....لم يا بني يا حبيبى....انا امك...انا احبك اكثر من
نفسي...لم تكرهنى....هل لانى عوراء لا املك الا عينا واحده...
.
بصوت غاضب ونظرات ساخره يدميها ...نعم لانك كذلك .....اسمعيها مني....لا تاتينى في مدرستى مرة اخرى....اصدقائي يخافون منك وينادوننى بابن العوراء ....انتى عار يلاحقنى بمظهرك هذا....ليتنى اهرب منك الى مكان لا يعرف احد فيه انك امى
دمعة كبيرة تجمعت بمقلتيها....جمعت وجهها في كفيها تبكي بمراره....سؤال يشتعل بداخلها....لم يا بنيّ تفعل بي
هذا...لم تقابل حنانى بقسوتك....لم تقابل وردى بشوكك....آه لو تعلم...
بنظرته الغاضبه يبادلها....و يجتذب حقيبته ويخرج دافعا الباب وراءه بقوه ليصدع قلبها بقوة صوته...و تحيته لها
"كلمة "اف
.
ومرت الايام والسنون....وقلب تلك الام يتقطع يوما بعد يوم....حب جارف يفيض من قلبها لابنها...يقابله جحود وقسوه تتقطع لها الاوصال
كبر الشاب وصار يافعا....وضعفت الام وانهكتها الايام....قرر الشاب ان يحقق حلمه في السفر والهجره كى يبتعد عن امه التى لايري فيها الا عينا عوراء تصيبه بالذعر
ذهب اليها بخطوات متغطرسه وهى تعد له طعامه ليجدد نزيف قلبها بخبر هجرته.....
لقد قررت السفر والهجره.....واحذرك ان تتبعينى او حتى تسالى عن مكانى....قد جائتنى اخيرا الفرصه التى سابتعد بها عن وجهك القبيح
هول الصدمة اوصالها الضعيفه....توسل لاحق كلماتها....لا يا بني ارجوك....لا تبتعد عنى....ليس لي غيرك....ارجوك لا تبتعد....ارجوك
يدفع ذراعيها...اليك عنى...لقد قررت....ولن اتراجع في قراري...ولن تثيرنى دموعك الكاذبه هذه ...اتركينى اذهب لاستمتع ببقية حياتى....حيث لا يعايرنى احد بابن العوراء
سافر الابن سعيدا وترك امه تعانى الام فراقه....زاد مرضها مرضا وزاد ضعفها ضعفا....اما هو فقد تزوج وانجب...ونسي من تجرعت المر لاجله
ومرت السنين وضعفت الام اكثر واكثر....ولما احست بدنو اجلها استعانت باحد جيرانها ليعرف لها مكان فلذة كبدها الغائب
وبعد بحث طويل علم الرجل مكانه واخبرها...فسالته ان يذهب بها اليه كي تراه وتروى ظمئها اليه...وبالفعل جمعت خطواتها المتهالكه الى ان وقفت ببابه ودقات قلبها اعلى من دقات اصابعها على الباب
فتح الباب طفل صغير....نظر اليها ففزع من منظر عيني
ها وصرخ ...بابا....فهرع اليه لينظر من بالباب...واذا بامرأة عجوز تتلهف عليه....ابنى حبيبى
احمر وجهه بشده وصرخ بوجهها ...انتى....ما الذي جاء بك....افزعتى اولادى....الم اهجر البلاد لا بتعد عنك...الم احذرك من البحث عنى...ماذا تريدين منى....ابتعدى عنى...ابتعدى...واغلق الباب بقوة في وجهها
رجعت الام الى بيتها تجر اذيال الخيبة والحسره....وظلت تقاسي الامها حتى وافتها المنيه
ذهب اهل القرية الى ولدها لاخباره فلم يبالى....حتى اخبره احدهم ان امه تركت له رساله و اقسمت عليه ليقراها
وبالفعل ذهب لقريته ودخل بيته القديم ليرى فيها رسالة من امه كتبت له فيها
.
" ولدى حبيبي....انا لم اغضب عليك...ولن افعل...ولكن اريد ان اعلمك شيئا....وانت طفل صغير كنت تلهو مع اصدقاءك حتى واجهتك صخره فوقعت عليها فذهبت احدى عينيك...فلم احتمل ان اراك بعين واحده....فاعطيتك احدى عينى"
.
.
ـــــــــ تمت ـــــــــ
.
====================================