بقايا ضوء

on الاثنين، 11 يناير 2010


تحكى فتقول :


كان يتردد أمامى ذكره ترددا علقنى به قبل أن أراه .....ذلك الشاب الملتزم ابن الاخ فلان الشهير بجهاده وسيرته الحسنه والأخت فلانه الشهيره التى كانت تجتمع بنا تعلمنا ديننا ودعوتنا والسلوك الذي يجب أن نكون عليه ...

كان حلما تحقق ..... عندما جاءت والدته تخطبنى له ..... سعادة يعجز أدباء الكون وشعراءه عن وصفها ....لم أستطع حينها ادراك حالى ولا مكانى ....أعلى الأرض أنا....أم بين طيور السماء ... كان ردى موافقه بلا أدنى تردد ....وكان يوم خطبتى منه يوما من أروع قصص الخيال .....كنت فيه الأميرة السعيدة التى اختارها الامير الوسيم من بين البنات لتشاركه حياته .... رأيت الكون من حولى يتراقص فرحا ... زهوره وأشجاره وطيره وبشره وحتى جماده .....الكل سعيد لسعادتى ....الكل يود معانقتى ....

مرت الأيام والشهور وأنا أسعد من حولى .... صديقاتى يحسددنى عليه وعلى والدته .... وتعلقي به يزيد ....حتى مر على خطبتى به عام ونصف مروا كلمح البصر ....


لم أدرك معنى خفايا الأقدار وخباياها ..... ولو أدركت لما كنت أسرفت على نفسي بالفرح ..... مر الأمر كشريط فيديو يعرض فيلما جميلا ثم توقف فجأه لينتهى عرضه السعيد بشاشة سوداء صامته حزينه ...

بعد أن أوشك كل شيء على التمام حدثت بين أسرتى وأسرته مشاكل لم نستطع أنا وهو مواجهتها واعلان تمسك كل منا بمن ارتضاه نصفا آخرا له .... وقُدِّر لى نزع دبلته الغاليه من اصبعي بعد أن كانت تميمة السعادة لدى في حالة من الصمت وعدم الاستيعاب .... ودموع محبوسه تخشى أن يراها الناس ....

غياب وذهول أطفأ بداخلى كل الشموع التى كنت أحيا بها ..... لم أشعر فيها بذاتى .... اذا تكلمت لا أسمع نفسي ...واذا حاول أحد تسليتى أتظاهر بضحك أبعد ما يكون عن الضحك ان كان الضحك عند الناس منبعه السرور .....

كان لا يستفيقنى الا سؤال فين دبلتك ؟ ..... والرد بأنى قد فسخت خطوبتى ..... حينها يتكرر ذكر انى لم أعد مخطوبه لـ " فلان " بعد سنه ونصف من الخطوبه تحدد فيها ميعاد الفرح ...... وأضطر عقلي لقبول فكرة أن كل شيء قد انتهــــــــــى ...........

لم يمر شهر على فسخ خطبتى حتى تقدم لى شاب آخر .... سألونى عن رأيي فيه فوافقت بلا تفكير وانا لا أراه ولا اسمعه ولا أشعر به .... مثله مثل غيره .... فقدت الأشياء عندى قيمتها .... وأصبح الزواج عندى كالقراءه كالنوم كالعمل كالأكل كالشرب.....لامعنى ولا قيمه..

ثلات شهور ووجدت نفسي أرتدى فستانا أبيض وحولى من يزغرد ويغنى ويصفق .... وأنا بلا شعور ... وجهى منعدم التعابير .... ورايت رجلا تبدو عليه السعاده مقبلا عليّ ويمسك بذراعى ليضعه حول ذراعه .... لقد أصبح زوجى .... كيف ومتى....لا أعلم ....

لم أستفيق من غيبوبتى الا بعد أن أدركت أنى تزوجت وقضي الامر .... وكأنى تلقيت على وجهى صفعة رجّت مخى لتنبهه ....ما الذي فعلته بنفسي ..... ما الذي فعلته بنفسي ....

كان زوجى متيما بي .... أحبنى حبا شديدا .... لم أستطع مبادلته اياه ولو بأعشار أعشاره .... كنت أقضي الليالي في تقطع وألم وشعور بالذنب تجاهه .... وكنت أدعو ربي بشده بأن يفرج عنى ما أنا فيه..... واستجاب الله دعائي وأخرج من قلبي ما كنت أجده تجاه من كان يوما خطيبي ....

لم أستطع حب زوجى .... لكنى جاهدت نفسي لأشعرها بالرضا وحمد الله على كل حال والثقه في اختياره وأقداره.... وأحترمت حبه لي واجتهاده في ارضائي ...لكنى لم أستطع تحمل تسلط والدته واخواته البنات وتحريضهن له كى يمنع عنى ما كان يكرمنى به ... كان يعود الى من عندهن شخصا آخر غير الذي أعرفه .... يتلمس لي أصغر الأخطاء ويحولها الى نارا موقده وحربا مشتعله ....وهكذا أستمر الحال حتى وصل بنا الى الانفصال ..... .

صغيرة أنا على كل هذا ...... خطبه وفسخ ثم زواج وانفصال .....صديقاتى في نفس عمرى ولم يخطبن بعد....أما أنا......

لم أعرف هل كنت سعيده بالانفصال أم ان حياتى قد وضعت في اطار لابد أن أرضي به حتى ولو لم يعجبنى ....

كان زوجى يتصل بأهلى يشتكى عدم استطاعته لفراقي وأنه لايدرى كيف رضي بالانفصال .....وعلمت بأنه مرض من حزنه لما حدث بيننا .... وطالت محاولاته ووافق على كل ما أشترطه أهلى عليه وأقسم ان ما حدث لن يتكرر ....وأشفق عليه والداى وأرغمانى على العودة اليه ....وعدت بعد مئات الاستخارات والاستشارات لأواصل حياة سرابية مبهمه لا أعلم لها مستقبلا ...أسير كيف تسيرنى أقدارى.... راجيه أن يخلف الله عليّ ما قد تقر به عينى ....لأنى لم أعد أملك بداخلى الا بقايا ضوء أوشكت أن تنطفيء .....

:: انتهى ::